الثلاثاء، 10 مارس 2015

ملاريا

"كانت في عزلةٍ تامّة، لا أحد يأتي إليها بكلمة، بكسرةٍ من حنان، بكوبٍ من اللبن. كان عليها أن تخرج بنفسها، فيما بين نوبات الحمى الراجفة، لتبحث عن فطيرةٍ جافّة لتأكلها، دون أي شيء آخر." 

" كانت تعيش في ذاكرتها أيام طفولتها في قرية بعيدة حيث يتماوج عبير أشجار الصنوبر التي تبعث الانتعاش، وتغريد البلابل العاشقة، ورائحة العجول الصغيرة الممتلئة بالحيويّة والنشاط، وايقاعات الجداول المتدفقة، وطزاجة الحقول التي يبللها الندى، وبساطة حياة الريف تتخللها الصلوات على المسبحة.

وفي قنايا جنبات القرية الصافية الباهرة، بدأت تلاحظ كيف بدأ صدرها ينمو، وكيف تفاعل جسدها مع أول تباشير الحب، الحب البسيط، دون تعقيدات المدنيّة، بل بالعذوبة البدائية التي اتصفت بها كتابات الحب الرعوي، وبعد ذلك، جاء حنينها للذهاب إلى الساحل، بما يوحي به الحلم بذلك من سعادة وآمال واعدة."


"وفي احدى ليالي شهر اكتوبر، كان الرجال يحصنون ضفة النهر بأكوام أجولة الرمال. وكان تدفّق نهر "أولوا" مريعًا، كانت المياه ترتفع فوق مستوى الحاجز، واختفى ديميتريو في التيار الهادر الذي كان يتضخّم دقيقة بدقيقة في العاصفة."


"واستحالت عيناها اللتان عرفتا من قبل كيف تحبّان إلى بئرين جافتين ليس فيها إلا الألم؛ ولم تعد يداها تحملان آمال الهدهدة أو الدفء الساحر؛ وأصبح ثدياها الضامران لا يكادان يظهران تحت بلوزتها القطنيّة المتواضعى؛ لقد عاثت فيها عاصفة البؤس خرابًا، ولم يعد متبقيًا منها سوى يقين الموت البارد"

مشتاقلك.

الأربعاء، 11 فبراير 2015

دمّ على كفّ

في إشي كثير جميل بتعبير "حامل دمّه على كفّه". للوهلة الأولى بتظهر كأنه دعوة للموت والدمويّة. بس فكري فيها منيح يا حب، باللحظة الي فيها بصير النظام يهدد حياتك بتحمل فيها دمّك ع كفّك، العنصر الي محبوس بجسمك، بتحرّك وبعطيك الحياة، كأنك بتمسكه وبتحمله، زي كأنه حامل لامبة وماشي فيها  بالليل. زي كأنّك حامل حياتك على  كفّة إيدك زي م بتحمل عصفور أو صوص أصفر صغير متغطي بحرام دافي. فيها إشي كثير عايش، حامل حياته، أقوى إشي فيه، رافعها، مش حابسها بجسمه. فيها مقولة إنه لأ، حياتنا مش حبيسة جسمنا. حياتنا مش حبيسة حاجاتنا الحيوانيّة الأوليّة.

غريب

مشتقلك كثير


الجمعة، 6 فبراير 2015

مبعرفش إذا معنى للي عم بحاول أقوله، يمكن بدّي أكتب بسّ لأني عم بدوّر على الطريقة تخلّيني شويّ صغيرة أكون قريب. بتخيّل إنه أصعب إشي بالحياة هو لمّا الناس بالنكبة تهجّرت من بلادها وسكنت ببلاد لزق بلادها، بيوت لزق بيوتها. هذا الشعور انك تخسر ومتقدرش تنسى انك خسران. شعور إنك تخسر وتضلّك كل يوم كل يوم عم تحس بكل تفاصيل اللي خسرته. 

أنا بحب  لينين. لما كنت صغير قريت كتاب اله اسمه "بصدد الجملة الثوريّة" واستفزني قديش مكنتش فاهم ولا إشي. بتعرفي ليش لينين كان مختلف عن الكل؟ وليش، حتى لو نظريّته كانت رجعيّة نسبة لنظرية تروتسكي، ليش لينين كان أهمّلي؟ لأنه خطاباته لما كانت تنتقل للورق مكنش ينقص اشي من النار الي فيها، من الحماس الثوري الي فيها. كنت أحس أنه الصفحات حامية، بلا م أفهم، بس كنت أحس أنه الصفحات زي الجمر. فكرتي مرّة بكلمة جمر؟ فكّرتي قديش هاي الكلمة لحالها، حتى لو منعرفش معناها، كلمة حامية؟ في هيك كلمات. بتحكي شو هي من قبل وجود الغرض الي بتوصفه. في الفكرة تبعت الغرض، بعدها بنتج الغرض، بعده بتنتج الكلمة الي بتوصف الغرض. بس في كلمات غريبة، كأنها بتسبق الغرض نفسه، كأنها طلعت من فكرته، قبله. إسمك هيك. عم بتذكر الموضوع لأنه شفافي عليهن هيك خطّ أسود.

على سيرة الشفاف. صارلي يومين أفكّر شو راح يكون شعوري إذا العلم بكتشف إنه في جراثيم بتتكاثر بالتزاوج ومش بالانقسام. وإنه السوسة اللي بالأسنان بتتكاثر بالتزاوج. وإنه يوميًا في بثمنا كائنات حيّة عم تعمل سكس. صح بكون حلو؟ فكّري بالموضوع. إذا بتشغّلي مخّك معي منيح بتلاقي إشي كثير لذيذ بهاي الصورة. إنه قد م الواحد يكون حزين، قد م الواحد يحسّ بعيد عن العالم، ويحسّ إنه لحاله، قد م يكون جاي عبالي يتخبّى بحاله قد م حاسس غريب عن كلشي حواليه. بضل في شعور حلو صغير صغير عن إنه في إسا ثنين، حتى لو جرثومتين، بثمّي، عم بحبوا بعض وبعملوا سكس. في اشي بالثم كثير لطيف، إنه هو جزء من الجسم الي بقدر يوخد أجسام من الحال، ويحوّلها لجزء منّك. كأنّه الباب الي بتحوّل فيه كلشي انتي مغترب عنّه، بتحوّل لذاتك. بس السوسة لما بتتكاثر كان بتضل ع هاد الباب. كان كائنين جرثوميين تافهين بضلوا يحبوا ببعض على بوابة جسمك إلي منها بتقدري توكلي العالم. تستخفّيش بشو عم بقول. مع الوقت بتصيري تتقبلي الصورة. أنا مع الوقت صرت كثير أحب هاي الصورة. في بس مشكلة واحدة منتبهتلهاش إنها من هديك اللحظة اللي الجراثيم صاروا يتزاوجوا فيها، صار ممكن أنا أتكاثر بالانقسام. هيك، أكون قاعد ع الشباك، يطلع مني كمان واحد. 

إشي بخوّف.

بموضوع الخوف، كنت بدي أكتب إشي كثير حزين، كثير عنيف. كنت فاتح الصفحة وبادي أكتب أشياء بتخوّف عنّي، عن المستقبل، عن شو بفكّر عنّك، عن شو بخاف تفكّري عنّي، وعن كل الأشياء المجنونة والقاتلة الي ممكن تطلع مني بكل مرة فيها عم بتذكّر إني خسرانك. بس لسببٍ ما صرت أفكر فجأة بأشياء حلوة وزرقا وزهريّة... وخضرا... مش عارف من وين طلعت معي هاي الفكرة تبعت السوسة، بس ضحكتي بصوت عالي. صارلي زمان مضحكتش بصوت عالي وأنا لحالي بالغرفة. فجأة صرت أشوف ألوان حلويات من هدول الحيايا والدلافين الملوّنات، وإسمك، وشفافك، وصوتك لما تتصلي معجوقة على إشي صار معك. اه، من زمان كنت بدي أقول، بس كل مرة بتخيّلك معجوقة ومبسوطة على إشي، بتخيّلك عم تركضي نازلة ع درج. بعرف منيح ليش هيك بتخيّل، بس مؤخرًا صرت أتخيّل هاي الصورة وإنت نازلة على درج مدرستنا. مش عارف ليش. 

 اه كنت بدي أقلك كمان إنه عندي سنّ عم بسوّس، وكثيركثير كثير كثير بوجّع. 

بس لا جد، مكنش قصدي أقول إشي معيّن قد م كان قصدي إني أحكي معك، بالأساس.

أنا بحبّك